في الذكرى الخامسة والثلاثين للوحدة اليمنية، أطلق الحاج عبد الواسع هائل سعيد أنعم نداءً وطنيًا صادقًا، عبّر فيه عن ضمير الوطن من موقعه كرجل اقتصاد مسؤول. دعوة شجاعة لاستثمار الأمل بدلًا من السلاح، وبناء الإنسان بدلًا من المتارس، تستحق أن تُكتب في مقدمة أي دستور جديد.
بيت هائل... بيت الوطن
حين نتحدث عن بيت هائل كأننا نتحدث عن كل بيت في الوطن اليمني.
وحين يتحدث من عُرف بالبذل والعطاء، ومن كانت داره قبلة للمحتاجين في كل شبر من اليمن، فاعلم أن الجراح قد أدمت الجسد، وأن نهوض الجميع لم يعد خيارًا، بل واجبًا.
كلمات الحاج عبد الواسع هائل لم تكن مجاملة في ذكرى، بل مكاشفة صادقة لواقع يحتاج إلى أفعال لا أقوال.
في الذكرى الـ35 للوحدة... كلمة تعيدنا إلى الجوهر
في مناسبة وطنية عزيزة، جاءت كلمة عبد الواسع هائل لتعيد الاعتبار لروح الوحدة، لا بوصفها حدثًا ماضويًا، بل باعتبارها مسؤولية مستمرة. لقد أطلق نداءً للوطن بأسره:
"أيها الساسة، أيها القادة، يا شركاء القرار، ليست الأخطاء مبررًا لهدم البيت، ولا المظالم رخصة لتفكيك الأوطان. الوحدة ليست كرسيًا ولا وزارة، بل وجدان شعب وأمل أمة."
كلمات تصلح لدستور جامع
ما قاله يصلح أن يُضمَّن في الدستور، فهو يجسد روح الوحدة العادلة، الرافضة للإقصاء، والداعية إلى العدالة والشراكة والتنمية.
دعوة إلى الحكمة والتعقّل
لم يكن حديثه تنظيرًا، بل استشرافًا لما ينبغي أن يكون. لقد دعا إلى المصالحة لا الانتقام، إلى التعليم لا التحريض، إلى بناء الإنسان لا المتارس.
"استثمروا في المدارس لا في المتارس."
تلك العبارة وحدها كفيلة بأن تكون عنوانًا لمرحلة قادمة تُبنى فيها الأوطان لا تُهدَم.
صوت من لا صوت لهم
لقد لخّص الحاج عبد الواسع بصدق وجع الجياع، وأنين المرضى، وتطلّع الشباب، وانكماش الاقتصاد. إنه ناطق باسم ملايين اليمنيين الذين غابت أصواتهم عن الطاولة، تلك الطاولة التي لم تأتِ بسلام، بل جمّدت الشرعية ومنعتها من خطوات الحسم، ذلك الحسم الذي يبدو أنه ممنوع اتخاذ قراره.
دعوة لأدوار مجتمعية مسؤولة
لذلك، يرى الحاج عبد الواسع الصورة الأوسع، فلم يُلقِ باللوم على الشرعية وحدها، بل خاطب الجميع: الساسة، رجال الأعمال، المثقفين، الإعلاميين... داعيًا إلى مشروع وطني يوقظ الضمير وينقذ ما تبقى من وطن.
لقد قرأت هذا النداء الذي انتشر بشكل يفوق التصوّر، لأنه من القلب وإلى القلوب... أقشعرّ جسدي وأنا أتلو تلك الحروف والكلمات والجمل والعبارات التي سطّرها فارس من فرسان اليمن، وبانٍ للبناته، والذي ظهر بندائه في الوقت الذي لا يحتمل التأخير أو التباطؤ أو استمرار الوضع القائم.
حاولت أن أجد شيئًا كإضافة، فلم أجد ما أضيفه إلى كلماته الصادقة.
فحين يتحدث من قدّموا للشعب الكثير دون مَنّ، ومن صنعوا ثرواتهم بعرقهم في أصعب الظروف، ومن أسهموا في التطوير والتنمية والصناعة اليمنية، فلا نملك إلا أن ننصت لهم وننشر قسطًا من أقوالهم.
إنها كلمات نادرة، لا تُقال إلا عند الحاجة القصوى، ومن رجال لا يظهرون إلا عند الضرورة، فلا يخاطبون إلا الضمير الجمعي لليمنيين.
يا رجال السياسة والفكر والقوة، اسمعوا هذا الصوت... استجيبوا لهذا النداء من حكيم:
"فــــالوطن لا يحتمل المزيد من الدمار، واليمن ما زال يستحق الأفضل."
مبادرة وطنية مقترحة
وانطلاقًا من نداء الحاج عبد الواسع، أقترح تشكيل لجنة مجتمعية برئاسته، تضم رجال أعمال وطنيين، وأكاديميين، وشخصيات مجتمعية، تتوجه إلى صنعاء وعدن، وتلتقي بجميع الأطراف لحثّهم على وقف الحرب، وتحييد الوظيفة العامة والبنك، وتشكيل حكومة انتقالية تشرف على انتخابات نزيهة.
أثق أن هذه اللجنة قادرة على إحداث اختراق سياسي حقيقي داخلي، بدلًا من فرض الحلول الخارجية، خاصة إذا شملت اللجنة عناصر لم تتخندق، ولم تتورط في الدماء أو تمويل المتحاربين، وتسعى إلى إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة، وتعيد توجيه البوصلة نحو اليمن الجامع.
توصيات للقيادة السياسية والحكومة الشرعية
1. الاستجابة الجادة والعاجلة لنداء رأس المال الوطني، ممثلًا في الحاج عبد الواسع هائل، واعتباره تعبيرًا عن وجدان يمني جامع.
2. دعم المبادرة المجتمعية المقترحة، وتبنّي نهج المصالحة الوطنية الشاملة.
3. إشراك القطاع الخاص الوطني في جهود الإنقاذ السياسي والاقتصادي.
4. توجيه الموارد نحو التعليم والصحة والخدمات الأساسية، كما دعا الحاج عبد الواسع، باعتبارها الأساس الحقيقي لبناء الدولة واستعادة الثقة الشعبية.
في الختام...
نقول: كل عام والوحدة بخير، ولكن الأهم أن يكون كل يوم استجابة صادقة لهذا النداء الوطني النبيل. سنظل نحلم ونعمل من أجل يمنٍ موحّد، عادل، آمن، حر، وشامخ... كما دعا إليه رجل بحجم الحاج عبد الواسع هائل.
وجمعة مباركة.
-->