قبر المواهب الإبداعية الناشئة وتلميع المواهب اللامعة مسبقاً

بدر سلطان
السبت ، ١٧ مايو ٢٠٢٥ الساعة ٠٧:٠٣ مساءً

 

في زمنٍ يُفترض فيه أن تُمنح الفرص للجميع، نجد واقعاً مغايراً يدفن فيه الإبداع الحقيقي في مقابر التهميش، بينما يُعاد تلميع أسماء لم تعد تضيف شيئاً سوى الواجهة البراقة. يبدو أن كثيراً من المنصات الإعلامية والثقافية، وحتى الفنية، قد أصبحت رهينة للوجوه المعروفة، لا للرؤى الجديدة.

 

المواهب الإبداعية الناشئة، تلك التي تحمل شغفًا حقيقيًا وتجارب فريدة، غالبًا ما تُقابل بالتجاهل، لا لضعف في ما تقدم، بل لأن لا أحد يجرؤ على المجازفة بدعم "الاسم الجديد". تُحاصر هذه المواهب بجدران من المحسوبية، والشللية، وأحيانًا من السخرية، حتى تُقبر قبل أن تُمنح حقّها في الظهور.

 

في المقابل، هناك من يظل على الساحة لمجرد أنه "اسم معروف"، تُسلّط عليه الأضواء حتى وإن شحب عطاؤه. يتم تلميعه في كل ظهور إعلامي، وتُعاد تدوير إنجازاته القديمة وكأنها لا تزال طازجة. لا نقد يُوجّه إليه، ولا مساءلة لمستوى ما يُقدّم، لأن الأهم هو البريق، لا المضمون.

 

الخطير في هذا الوضع أن الجمهور يبدأ بالتشبع من التكرار، ويفقد ثقته في المنصات التي تُصر على تغذيته بنفس الأسماء والأصوات. كما يشعر أصحاب المواهب الحقيقية بالإحباط، ويضطر بعضهم إلى الهجرة الثقافية نحو فضاءات رقمية أو خارج حدود الأوطان، بحثًا عن الاعتراف.

 

لقد حان الوقت لنعيد التفكير في آليات التقييم والدعم. الإبداع لا يُقاس بعدد المتابعين ولا بعدد مرات الظهور الإعلامي، بل بما يضيفه من فكر، فن، ورؤية جديدة. لا بد من إتاحة المساحات العادلة للجميع، ومنح الفرصة لصوت جديد أن يُسمع، قبل أن نخسره في صمت.

 

ففي النهاية، دفن الموهبة جريمة صامتة، والسكوت عنها مشاركة في القتل.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي