عندما نُقل عن ماري أنطوانيت قولها الشهير “لماذا لا يأكلون البسكويت؟”، لم تكن تدرك، وهي في برجها العاجي، أن الشعب الفرنسي بالكاد يستطيع تحمّل تكلفة الهواء الذي يتنفسه. واليوم، ونحن نعيش مأساة شبيهة في وطننا الحبيب، يبدو أن لدينا نسخًا محلية متطورة من ماري أنطوانيت، لكن بمزيد من السخرية واللامبالاة.
المواطن البسيط يصرخ: “لا نجد الرواتب! لا نجد الخدمات! لا نجد الأمن!”، لكن حكّام الأرض الجدد، بكل برود، يُجيبون: “لماذا لا تسافرون؟! لماذا لا تتاجرون بالدولار؟! لماذا لا تعيشون على الأمل؟!”.
تجد المسؤول أو القائد – أو أي شخص يظن نفسه في مرتبة الآلهة – يخرج علينا من قصره المُكيّف أو قاعته المزينة بأضواء الثريات الفاخرة ليُلقي خطبة عصماء عن الصبر والتضحية. هذا الشخص الذي لا يعرف طعم انقطاع الكهرباء ولا شكل طابور الخبز، ولا يتنقل في سيارة إلا إذا كانت محصنة ضد الألغام والشمس والواقع، يطلب من الشعب أن “يتأقلم”!
تخيلوا معي أحدهم وهو يخبر أسرة تسكن منزلًا من صفيح في عز الصيف: “لماذا لا تهاجرون إلى الجبال لتبردوا؟” أو ربما يقول لآخر يعيش على قوت يومه: “لماذا لا تستثمرون في العملات الرقمية؟!”. هذه ليست نكاتًا، بل يبدو أنها خطط استراتيجية!
نعيش في زمن القفزات الكبرى. قفزة في عدد المتسولين، قفزة في أسعار السلع، وقفزة أخيرة في عدد التصريحات الخيالية. أحدهم خرج مؤخرًا ليقول: “الشعب بخير!”، ربما كان يقصد شعبًا آخر يعيش على كوكب آخر.
الحقيقة أن ما تعيشه البلاد اليوم هو نسخة حديثة من مأساة ماري أنطوانيت، لكن مع تعديلات طفيفة. الفرق الوحيد أن ماري كانت تعيش في برجها العاجي دون أن تدرك معاناة الشعب، بينما حكامنا الجدد لا يعيشون في الأبراج فقط، بل يطلون منها يوميًا ليلقوا علينا دروسًا في كيفية النجاة من الموت جوعًا، باستخدام أشياء بسيطة مثل “القناعة” و”الدعاء”!
وفي الختام، إذا أردنا أن نتعلم درسًا من ماري أنطوانيت، فلنتذكر أنها انتهت إلى المقصلة. ربما ليس لأن الشعب كان جائعًا فقط، ولكن لأن الغطرسة واللامبالاة دائمًا ما تكون لها نهاية.
-->