العدالة في بلاد الكفر والظلم في بلد الإيمان

علي هيثم الميسري
الأحد ، ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٨ مساءً

في إحدى الدول الغربية صبي يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً تمَّ القبض عليه متلبساً بالسرقة من دكان وحطم أحد الرفوف خلال محاولته الهرب .. فعُرِضَ للمحاكمة وحينها سأل القاضي الصبي بعد أن سمع تفاصيل الحادثة :

أحقًّاً سرقت شيئًا ؟ ، أسرقتَ رغيفاً وجبنة وحطَّمتَ أحد الرُّفوف ؟

 ( أجاب الصبي بخجل وهو مُطأطئ الرَّأس : نعم سيدي القاضي .

  القاضي : لـماذا سرقت ؟

الصَّبيّ : لحاجتي يا سيدي .

  القاضي : ألم تستطِع شراءها بدل سرقتها ؟

الصبي : لـم أكُن أملك المال .

  القاضي : كان بإستطاعتك طلب الـمال من والديك .

الصبي : لديَّ فقط أمي الـمريضة التي ترقد في الفراش وليس لديها عمل .. ومن أجلها سرقت الرغيف والجبنة .

القاضي: وأنت ألا تعمل شيئًا ؟ ألا يوجد لديك عمل ؟ .

الصبي : عملت في غسيل السيارات وأخذت إجازة ليوم واحد لكي أساعد أمي .. ولهذا السبب فصلوني من العمل .

 

   بعد إنتهاء الـمحادثة مع الفتى أعلن القاضي الحكم قائلاً : السرقة جريمة ولكن .. سرقة الطعام حقاً جريمة مخجلة علينا نحن ، وجميعنا هنا مسؤولون اليوم عن جريمة السرقة هذه .. فأردف قائلاً : جميع الحضور في هذه القاعة بمن فيهم أنا مسؤولون عن جريمة السرقة هذه لذلك فإنَّ جميع الحضور سيغرَّم .. كلُّ شخص سيدفع عشرة دولارات ، ولن يخرج أي شخص من القاعة قبل أن يدفع ال 10 دولارات ، وأخرج القاضي من جيبه ورقة من فئة 10 دولارات وأخذ قلماً وبدأ بالكتابة : حكمتُ بغرامة 1000 دولار على صاحب الدكان الذي سلم الصبي الجائع إِلى الشُّرطة ، وإذا لـم تُدفَع الغرامة حتى السَّاعة الواحدة ظهراً سيظل الدكان مغلقاً ، وأضاف القاضي فى حكمه : إذا تم القبض على شخص ما يسرق طعاماً فيجب أن يخجل جميع السكان والـمجتمع في هذه الدولة فالمواطن الذي يسرق طعاماً لأجل أن يأكل لا يُعتبر سارقاً وإنما السارق الحقيقي الذي يتولى أمور الرعية وبطنه متخمة ورعيته يعانون من وضعهم البائس وبلدهم غني بالثروات .

 

    أعتذر جميع الحضور الى الصبى وسلموه المبلغ وأعينهم تفيض من الدمع وخرج القاضى من القاعة وقد إغرورقت عيناه من الدموع بعد أن ضرب أروع قواعد الرحمة والإنسانية في هذا العصر البائس .

 

    أما نحن هنا في بلد الحكمة والإيمان ماذا سنقول ؟ .. الشعب يتضور جوعاً والسبب أنه لا يستلم راتبه إلا بين الحين والآخر ، وماذا عساه أن يفعل ؟ .. طبعاً لا يملك من أمره شيئاً ، إنما ما موقف كل قيادته وأعضاء حكومته ؟ هل سيستمرون على الصمت المطبق فيما يخص مصالح الشعب ويتنعمون برواتبهم المنضبطة أم سيحركون أدنى ساكن ؟ .. لا أظن ذلك بل سنرى الظلم مستمراً في بلد الإيمان ونتحدث ونتناقل الروايات عن العدل في بلاد الكفر .

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي