اجتماع مجلس القيادة الرئاسي في عدن: "توحيد الجهود لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية"

د. علي العسلي
الأحد ، ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٤١ مساءً

شهدت العاصمة المؤقتة عدن، في 2 نوفمبر 2024، حدثًا هامًا باجتماع مجلس القيادة الرئاسي بحضور جميع أعضائه، باستثناء العميد أبو زرعة المحرمي الذي غاب بعذر. يمثل هذا الاجتماع بعد انقطاع طويل خطوة ضرورية لتوحيد الصف اليمني في مواجهة أزمات خانقة على الصعيدين الاقتصادي والأمني، حيث يعاني اليمنيون من انهيار العملة المحلية، والتهديدات الحوثية المتزايدة، وانتشار الفقر والبطالة.

أبرز التحديات الاقتصادية

تشير التقارير الأممية الأخيرة إلى أن ما يقارب 17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما تجاوزت نسبة البطالة بين الشباب 60%، وارتفعت معدلات الفقر إلى أكثر من 80% من السكان، مما يعكس الحاجة الملحة لإصلاحات اقتصادية عميقة.

وتعد التقلبات في أسعار الصرف من أهم الملفات التي ركز عليها اجتماع مجلس القيادة، حيث وصل سعر الصرف إلى مستويات غير مسبوقة، مع تجاوز الدولار الواحد حاجز الـ2050 ريال في المناطق المحررة. هذا التراجع المستمر في قيمة العملة أسهم في رفع أسعار السلع الأساسية بنسبة 50% خلال الأشهر الأخيرة، ما زاد من معاناة الأسر اليمنية بشكل كبير.

أهمية الاجتماع في هذا الظرف الاستثنائي

يعكس اجتماع 2 نوفمبر 2024 عزيمة القيادة اليمنية في توحيد جهودها لمواجهة انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة ومؤسساتها، خصوصًا بعد تعثر المساعي السابقة التي قادتها المملكة العربية السعودية والمبعوثان الأممي والأمريكي. كما يشير الاجتماع إلى ضرورة رص الصفوف في مواجهة المتغيرات الإقليمية، التي تتطلب استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء تهديدات الحوثيين للشرعية والجيران.

وقد أقر الاجتماع بقرارات هامة تجاه حضرموت كاستحقاق. كما ركز الاجتماع على الإصلاحات الاقتصادية وتعزيز العملة الوطنية، وتأمين الخدمات والسلع الأساسية. كما تم التأكيد على الالتزام بتوحيد الصف الوطني وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني.

التصعيد الحوثي وتداعياته

يتزامن الاجتماع مع تحركات حوثية تتذرع باحتلال امريكي للحدبدة ، وهو ما قد يكون مبررًا لتعزيز تواجدهم العسكري، ونقض اتفاق ستوكهولم. 

الحوثيون يستمرون في التصعيد في المناطق المحررة ومناطق خطوط التماس، كاستهدافهم الأخير لميناء المخا في أكتوبر 2024، مما يزيد المخاوف من تعطيل الاقتصاد ووقف عمليات الشحن، ويسهم في زيادة تكلفة النقل.

 وقد أسهمت هذه الهجمات أيضًا في إغراق العديد من السفن النفطية وتلوث البحر الأحمر.

الحراك المكثف لمجلس القيادة الرئاسي في عدن

يأتي اجتماع الثاني من نوفمبر تتويجًا لنشاط مكثف لرئيس المجلس الرئاسي والحكومة، الذي تضمن سلسلة من اللقاءات في أكتوبر الماضي. فخلال الفترة من 17 وحتى 29 أكتوبر، عقد المجلس العديد من الاجتماعات المهمة، تم فيها بحث الإجراءات المنسقة لدعم العملة الوطنية، وتضمنت خطة واضحة للإنقاذ الاقتصادي وموجهات رئاسية بشأن:

1. الرقابة على أسعار السلع والخدمات الأساسية.

2. تفعيل أجهزة الضبط للحد من المضاربات بالعملات.

3. تشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي وحماية الصناعات الوطنية.

4. مكافحة الفساد والتهريب.

5. تقديم الدعم للبنك المركزي لتعزيز الرقابة المالية.

كما ركز المجلس في هذه الاجتماعات على تعزيز كفاءة السياسة النقدية والمالية لتقليل تداعيات الانقسام النقدي الذي تفرضه ميليشيا الحوثي.

التوصيات المستقبلية لمجلس القيادة الرئاسي

استنادًا إلى المناقشات ونتائج الاجتماع، نقدم التوصيات التالية التي قد تسهم في دعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي:

1. المواظبة على الاجتماعات الحضورية في عدن، بما يسهم في تقديم قيادة قوية متواجدة على الأرض.

2. تعزيز الرقابة المالية على الأسواق للحد من التضخم، والتنسيق مع البنوك العالمية للحد من المضاربة.

3. تفعيل الشراكات مع المانحين الدوليين لتوفير دعم مالي لمشاريع التنمية المستدامة.

4. إطلاق مشاريع تنموية صغيرة، مثل دعم المشاريع الزراعية والصناعات الغذائية والطاقة المتجددة، لتحفيز النمو المحلي.

5. تركيز الاستثمار على الأمن الغذائي والاقتصادي، من خلال تطوير الزراعة وتعزيز الإنتاج المحلي.

6. إصلاح القطاع المصرفي وتوحيد السياسة النقدية، بالتنسيق بين فروع البنك المركزي في جميع المحافظات لاستعادة الثقة في المؤسسات المالية.

7. تعزيز وتطوير الاستراتيجيات الدفاعية، بما يتضمن تزويد القوات المسلحة بدفاعات جوية، والأمنية بأدوات مراقبة متطورة وإشراك المجتمع المحلي في عمليات الحماية ضد الحوثيين.

8. تحسين التواصل مع المواطنين لزيادة الشفافية وتوضيح التحديات بشكل مباشر.

الخاتمة

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة، فإن اجتماع مجلس القيادة الرئاسي في عدن خطوة أساسية لتوحيد الجهود، وإظهار جبهة داخلية قوية قادرة على مواجهة الانقلاب الحوثي والأزمات المتعددة. المرحلة تتطلب من المجلس اتخاذ قرارات جريئة وشراكات فعالة، مع العمل على تعزيز الثقة بين المواطنين والقيادة، وجذب انتباه المجتمع الدولي للدعم المستمر.

إن تبني المجلس لخطة واضحة ومتكاملة لاستعادة الدولة وضمان استقرار العملة قد يكون المدخل الضروري لإنهاء المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني وإعادة بناء الاقتصاد والمجتمع.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي