الخيانة في ميزان تدمير الشعوب!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الأحد ، ٢٠ اكتوبر ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٠ مساءً

الكثير تابع المسلسلات التركية مثل المؤسس عثمان أو قيامة ارطغرال، والكل يلاحظ أن المسلسلات تحاول تجسد أن هزيمة الأمة يكون دائما من الخيانة في الداخل أي الاسترزاق بمصير الأمة مع اطراف خارجية وتحت اقنعة مختلفة هدفها تمزيق المجتمع لصالح الخارج. وهذا يعود اساس إلى صراع الآنا بين القيادات او الاشخاص أو التكسب. وقد تستغربون أن هذه فعلا أكبر مشكلة تسببت في هزيمة مجتمعنا كثيرة ومنها الامبراطورية الاسلامية بمراحلها المختلفة إلى العثمانية كلها لاسيما والأتراك كانوا قد سيطروا على أوروبا الشرقية كلها بقوتهم، ومعارك كسبوها مع كل ملوكها ولم ينكسروا لأنهم نظفوا أولا الداخل بينهم من المرتزقة وثانيا غلفوا عملهم بقيم أخلاقية ووطنية. لم ينكسروا الا عند أسوار فينا بسبب الخيانة من عامل تركي كان يكره قرة مصطفى باشا بناء على امور شخصية. لم يفكر ببلده والإمبراطورية العثمانية والجيش الكبير الذي يتحرك في داخل اوروبا كون ذلك لم يهمه، وانما أراد فقط كسر صاحبه على حساب امة.

فعندما وصل قرة مصطفى باشا إلى أسوار فينا بعد ان أكتسح سلوفاكيا كانت هذه ليست المحاولة الأولى لكنها الاخيرة. كان عدد المدافعون عن فينا ١١ الف جندي تقريبا، ومع مرور الوقت لم يبقى معهم الا ٥٥٠٠ جندي، وكان الجيش العثماني قد اطبق الحصار، وكان اكتساح الأسوار مسألة وقت فيتغير التاريخ الأوروبي كما تتحدث المصادر. حشد الألمان كامبراطورية رومانية مقدسة كل أوروبا، وتجاوز عددهم ٢٥٠ الف جندي من كل الممالك الأوروبية وقتها لكن ذلك لم يعني أنهم سوف يصلون إلى فينا، ولا سوف ينتصرون كون الطريق مرتبط بجسر مهم قد وضع الأتراك حماية له، والقوات التركية بمعنى العثمانية قوات لا يستهان بها. وكان قرة مصطفى باشا قد كلف مراد كيراي أحد أعوانه بمهمة حراسة جسر وهدم الجسر عندم تتجمع القوات الأوروبية ولا يسمح لها في العبور كون سقوط فينا مجرد وقت. مراد كيراي باشا هذا كان خائن حسب المصادر التاريخية، ودون سبب مهم وانما سبب شخصي، بمعنى لا يطيق قرة مصطفى باشا ولايريده أن ينتصر حتى لا يكبر أكثر.

فأرسل للقوات الأوروبية رسالة انه يمكنهم عبور الجسر، ولن يعترضهم بقواته، ولم يصدق الأوروبيون هذه الفرصة، وعبروا دون أن يخسروا شخص واحد, وقوات الخائن مراد تنظر لهم. بذلك يكون الأتراك خسروا خط الدفاع الأول والاهم أمام أوروبا، وهو قوات الجسر . لم يدرك مراد كيراي انه بذلك ينهي توسع الإمبراطورية العثمانية للابد، ويصيبها بمقتل في حرب كونية بين الهلال والصليب كما يصورها العالم القديم والكتب التاريخية .

وفي ١٢ سبتمبر ١٦٨٣ وقعت معركة ألمان داغي أمام أسوار فينا بعد وصول القوات الأوروبية، وكانت المفاجأة صادمة للاتراك، وصارت المعركة تشبه معركة بلاط الشهداء، وهنا دخل ايضا خيانة الوزير إبراهيم باشا أي الاسترزاق بمصير بلده ليشبع مرض الأنآ عنده، وسحب قوات الميمنة أثناء المعركة، وبذلك كانت هزيمة الأتراك أو العثمانيون لا مفر منها بسبب الخيانة فقط، ومن ذاتهم فقط، ومن داخل صفوفهم، وليس لأسباب منطقية . لذلك وضعوا الخيانة مرتكز لبرمجة المجتمع التركي الجديد ويظهر ذلك في المسلسلات كونها المرض، الذي هدم الأمة العثمانية أو التركية، التي يريدون الان معالجتها، وكأنهم يجهزون أنفسهم للعودة كامبراطورية ولمعارك قادمة.

تاريخ تركيا تاريخ جدير بالاهتمام والدراسة، وهو كنز حضاري موثق ب ٣٠٠ مليون وثيقة في الأرشيف العثماني مكتوبة بالعربي لهم وللشعوب التي حكموها خلال مراحل الدولة العثمانية. وفي الأخير مانستفيد منه هو أن أي مجتمع أو أي أمة أو حتى مجموعة لايمكن أن تنهزم إلا بسبب الخيانة من الداخل، ولذا لايجب أن يكن داخل أي أمة أو مجتمع أي تساهل مع من ينخر بها من الداخل أو يمزق بها لصالح الخارج. فالقيم والمبادئ والثوابت الوطنية اموار ليست للمتاجرة والتكسب بها.

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي