في قريةٍ تقع في موقع استراتيجي هام، ورثت مجموعة من الإخوة بيتًا واسعًا من أجدادهم. كان البيت رمزًا للعائلة، وشاهداً على الأجيال التي عاشت فيه تحت سقف واحد. لم يكن البيت مجرد جدران، بل كان يجسد روح الانتماء والقوة التي جمعت العائلة لسنوات طويلة.
ولكن تلك الروح الجميلة بدأت تتلاشى عندما برزت الأطماع، وبدأ الإخوة يتصارعون فيما بينهم على البيت. عبدالملك، أحد الإخوة، لم يعد يرى في البيت إلا وسيلة لتحقيق السلطة والسيطرة. لم يكن يتحرك وحده، بل دعمت عصابة من البلاطجة طموحاته. هذه العصابة لم تكن ترغب فقط في السيطرة على هذا البيت، بل كانت تخطط للاستيلاء على كل المنازل المجاورة. كانت تمد عبدالملك بالسلاح والمال ليتمكن من إخضاع إخوته وإجبارهم على الخضوع لإرادته.
في المقابل، كان هناك عادل، أخٌ آخر، يدرك قيمة هذا البيت ويحافظ على تقاليد العائلة وإرثها. وقف عادل مدافعًا عن وحدة الأسرة، رافضًا تسليم البيت لأطماع عبدالملك وعصابته. بينما هاني، أخٌ ثالث، كان يتطلع إلى هدم البيت والانفصال، غير مدركٍ أن هذا الهدم سيفتح الأبواب للأعداء للسيطرة على كل شيء.
ذات يوم، اشتد النقاش بين الإخوة، وبلغ الصراع بين عبدالملك وبقية الإخوة ذروته. وقف عبدالملك في وسط ساحة البيت الكبيرة، مهددًا كل من يعارضه. قال بلهجةٍ قاسية:
عبدالملك: "إما أن تخضعوا لي وتتركوني أسيطر على هذا البيت، أو سأجعلكم تندمون!"
عادل (بحزم): "لن نتركك تتحكم في إرثنا. هذا البيت ملكٌ للجميع، وليس لأحدٍ أن يستولي عليه بالقوة!"
هاني، الذي كان على الجانب الآخر، حاول تهدئة الوضع، لكنه أيضًا كان متذبذبًا بين خياراته.
وفي لحظة جنونية، وبينما كانت الأجواء مشحونة، أخرج عبدالملك سلاحه الناري، الذي حصل عليه من عصابته. أطلق النار بعشوائية، لتسقط رصاصاته على طفلين بريئين من أبناء العائلة. سقط الطفلان على الأرض، والدماء تغطي ساحة البيت، بينما ارتفعت صرخات الأمهات. ولكن عبدالملك لم يُظهر أي مشاعر. وقف ببرود وهو ينظر إلى جثث الأطفال دون أن يهتز له جفن.
تلك اللحظة المأساوية هزت كل من في البيت. فقد شعرت الأسرة أن النزاع لم يعد حول البيت فقط، بل حول إنسانيتهم وحياتهم نفسها.
وفي مكان آخر داخل المنزل، كانت الأم، التي طالما جمعت أبنائها تحت جناحيها، ترقد في العناية المركزة. كان المرض قد أخذ منها الكثير، لكنها لم تفقد الأمل في أبنائها. كانت الأم هي القلب النابض للعائلة، ورمز الوحدة الذي حافظ على الأسرة لسنوات. حتى وهي على فراش المرض، كانت تتابع ما يحدث بصمت وألم.
عادل، الذي كان يقف بجانب سرير والدته، أمسك بيدها وقال بحزن: "يا أمي، لن نترك بيتنا ينهار. عبدالملك خائن لأخلاقنا وإرثنا، لكننا هنا. نحن لن نتخلى عنكِ ولا عن هذا البيت."
الأم، بنظرة مملوءة بالحزن والأمل، همست بصوت ضعيف: "لا تسمحوا لهم بتدمير ما بنيناه. حافظوا على البيت... حافظوا على العائلة."
بقية الإخوة المخلصين، بما فيهم هاني الذي بدأ يدرك خطورة الانقسام، اجتمعوا حول الأم في العناية المركزة. كان المشهد مهيبًا. الأم تمثل اليمن الذي ينزف، وهي الرمز الذي يسعى الجميع للحفاظ عليه، لكن الأطماع والخلافات بدأت تمزقهم من الداخل.
هاني، الذي كان سابقًا يفكر في الهدم والانفصال، قال لعادل: "كنت أظن أن الهدم سيجلب لنا الخلاص، لكنني أدرك الآن أن هذا البيت هو ما يجمعنا. إذا هدمناه، لن يتبقى لنا شيء."
عادل (بحزم): "نحن هنا لنحمي إرثنا، لا لنسلمه للطغاة أو للغرباء. عبدالملك لم يعد واحدًا منا، إنه الآن أداة بيد عصابة تريد تدميرنا جميعًا."
مع مرور الأيام، بدأ الإخوة المخلصون بالتوحد من جديد، يجتمعون حول الأم المريضة التي لا تزال تقاوم. وكانوا يواجهون عبدالملك وعصابته بكل ما أوتوا من قوة. كانت المعركة صعبة، لأن العصابة كانت تمد عبدالملك بالأسلحة والموارد، لكن الإخوة كانوا مسلحين بالإرادة والإيمان.
القرية بأكملها بدأت تشهد على هذا الصراع. الجيران الذين كانوا يراقبون من بعيد بدأوا يدركون أن عبدالملك وعصابته لا يسعون فقط للسيطرة على البيت، بل يريدون تدمير القرية بأكملها. بدأت بعض العائلات تتحد مع عادل وإخوته المخلصين للدفاع عن بيتهم وعن قريتهم.
-->