يافعي يقفز إلى كهف الشمال

د. محمد شداد
الاربعاء ، ١٤ أغسطس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٤٨ مساءً

 

دعا نوح عليه السلام الحيوانات للصعود على السفينة فصعدوا بلحظة، ودعا قومه 950 عامًا فاختاروا الغرق، قيل بأن غريزة سليمةٌ أفضل من عقلٍ مريض..

 

كنت قد كتبت مقال في 24فبراير 2017م بعنوان " يافع الحميرية ولَّادة الرجال" بعد استشهاد للواء محمد صالح اليافعي في ساحات الشرف ضد الحوثي ونُشرَ حتى على صفحات صحيفة الأيام، وتطرقت إلى قبيلة يافع الحميرية التي تعد من أعرق قبائل حمير والذي ينتهي نسب جدهم يافع إلى الملك الحميري الشهير يريم ذو رعين بن الحارث الحميري..

 

ومشاركة أبناء يافع التاريخيين مع الوفد الذي ذهب لمبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم قبيل التحاق اليمن بركب الإسلام، وأحفاده الذين شاركوا كقادة جيوش في الفتوحات الاسلامية، منهم سراج بن شهاب اليافعي، وحسان بن زياد، الذين..

 

خصهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويمنيون آخرون بالإجازة في عبور نهر النيل بعد طلبهم للإقامة في غربة، وسميت بلدة الجيزة في مصر باسم إجازتهم الممنوحة لهم حصرياً من قبل الخليفة حتى يومنا هذا..

 

أما اليوم وبعد النكسات فقد وجِدَ من يدفع بالكتابة في الاتجاه الآخر، إذا أن هناك من ينكر هُويته وانتماءه جحودًا وعناد، ويُصر في مقابلة على قناة المستقلة على انتمائه لجنوب دون هُوية منكرًا لأصله وجذوره، يفاجأ الجمع بتعينه في حكومة الحوثي وزيرًا للسياحة، بمعنى أن القضية الجنوبية التي تعاطف معها أغلب الشعب اليمني ليست حقوقية، ولم تسعَ إلى التخلص من هيمنة، مركزية النظام الشمولي في الشمال قبل الجنوب..بل كانت شعارًا لمن يلعب مع الحوثي ويتقاضى من تحت الطاولة..

 

السطحية في المواقف الوطنية عادةَ ما تقود إما التلاش أو إلى أنصاف الحلول، ومن ثم إلى التطاحن والاحتراب، لخلوها من الأهداف النبيلة وطيها تحت المصالح البرجماتية الشخصية للكثير من الانتهازيين، ولطالما ركبت الانتهازية السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية موجات المطالب البريئة فأنهتها..

 

قفز كجنوبي إلى أقصى يمن شمال الشمال ليقتات وينعم بامتيازات المنصب، مخلفًا وراءه الآلاف ممن صدَّقه وأمثاله صُنَّاع الشعارات الجوفاء، حشدودا المساكين وخرجت في مسيرات عارمة..قفز على كل الحواجز والحدود قفز وأدى السقطة الحرة من لندن إلى بوابة الكهف..

 

الرجل قطعًا لا يمثل يافع برمتها وإنما هو نموذج مصغر لآلاف الأصوات التي لا تبحث عن وطن حرٍ وكريم عن يمن كبير يتسع للجميع عن نظام لا يقوم على دعوات خرقاء بل يبحث عن نفسه وذاته وأينما اتجهت فثم شرع الله..

 

قفز على مبدأ حق المواطن في أن يتولى الوظيفة العامة حُرًا وشريف، بدءًا من رآسة الدولة وصولاً إلى عسكرة المرور ملتزمًا بقوانينها الإدارية والسياسية بصرف النظر عن عرقه، مذهبه، ومن المحافظة التي أتى منها.. 

 

قضية الحرب برمتها ضد المشروع الفارسي هدفت في عمومها إلى البحث عن حكم عادل وطني ورشيد يعطي كل ذي حقٍ حقه شمالاً وجنوب. والتخلص من الهيمنة القبلية السلالية والمناطقية والجهوية كمرض اجتماعي حال ومستفحل في كلا الشطرين..وتجاوز باعة الشعارات على الأرصفة..

 

رفض الجزائريون بعد انتصار ثورتهم ضد فرنسا وفي عهد حكم الثوار الخُلَّص تحديدًا في عهد أحمد بن بلة وهواري بو مدين.. التعامل معها في أي مجال، إيمانًا منهم أنها عدو لا يحتمل التعامل معه، ويرفض أي شعب العودة إلى أحضان قاتليه، إلا نحن في اليمن هناك من ركض باتجاه لندن سائلاً عودة الشراكة والدعم، وآخرون ركضوا باتجاه كهوف الإمامة بحثًا عن المكاسب ولا اعتبار إطلاقًا بمصائر المستَخدَمين قبلهم بعد إحراقهم علنًا ..

 

الثبات على المواقف هِبات وقُدرات يمنحها الله لمن يشاء، والنزوع إلى العبودية مرض مكتسب بحكم البيئة والقهر الطبقي القاسي، لأن الناس خُلقوا قطعًا أحرار، بوجه عام لدينا نحن اليمنيين القدرة على التفكير والوقوف في الأماكن الصحيحة من التاريخ، والقدرة على تهذيب الطموحات والإخلاص في سبيل تحقيقها، غير أن الكثير يفشل وينساقون وراء المغريات معارضين صوت العقل والهدف الوطني السامي السليم...

 

حكمة: قيل بأن الفرق بين الأصيل وقليل الأصل" أن الأصيل يؤتمن في عداوته أما قليل الأصل فلا يؤتمن حتى في صداقته"..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي